صوت النيل صوت النيل
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

دنيا ودين ومع نبى الله يوسف "الجزء الثامن"

 دنيا ودين ومع نبى الله يوسف "الجزء الثامن"


دنيا ودين ومع نبى الله يوسف "الجزء الثامن"


إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثامن مع نبى الله الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم وهو نبى الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام، وعندما رأى يوسف عليه السلام يوما في منامه، أحد عشر كوكبا والشمس والقمر يسجدون له فلما استيقظ، ذهب إلى أبيه يعقوب في هذه الرؤيا، فعرف أن ابنه سيكون له شأن عظيم، فحذره من أن يخبر إخوته برؤياه، فيفسد الشيطان قلوبهم، ويجعلهم يحسدونه على ما آتاه الله تعالى من فضله، فلم يقص رؤيته على أحد، وكان يعقوب يحب يوسف حبا كبيرا، ويعطف عليه ويداعبه، مما جعل إخوته يحسدونه، ويحقدون عليه، فاجتمعوا جميعا ليدبروا له مؤامرة تبعده عن أبيه، فاقترح أحدهم أن يقتلوا يوسف عليه السلام أو يلقوه في أرض بعيدة، فيخلو لهم أبوهم، وبعد ذلك يتوبون إلى الله، ولكن واحدا آخر منهم رفض قتل يوسف عليه السلام، واقترح عليهم أن يلقوه في بئر بعيدة، فيعثر عليه بعض السائرين في الطريق، ويأخذونه ويبيعونه، ولقيت هذه الفكرة استحسانا وقبولا، واستقر رأيهم على نفيه وإبعاده، وأخذوا يتشاورون في تدبير الحيلة التي يمكن من خلالها أخذ يوسف وتنفيذ ما اتفقوا عليه، ففكروا قليلا، ثم ذهبوا إلى أبيهم وقالوا له، فأجابهم يعقوب أنه لا يقدر على فراقه ساعة واحدة.


وفي الصباح، خرج الأبناء جميعا ومعهم يوسف إلى الصحراء، ليرعوا أغنامهم، وما إن ابتعدوا به عن أبيهم حتى تهيأت لهم الفرصة لتنفيذ اتفاقهم، فساروا حتى وصلوا إلى البئر، وخلعوا ملابسه ثم ألقوه فيها، وشعر يوسف بالخوف، والفزع، لكن الله كان معه، حيث أوحى إليه ألا تخاف ولا تجزع فإنك ناج مما دبروا لك، وبعد أن نفذ إخوة يوسف مؤامرتهم، جلسوا يفكرون فيما سيقولون لأبيهم عندما يسألهم، فاتفقوا على أن يقولوا لأبيهم إن الذئب قد أكله، واخلعوا يوسف قميصه، وذبحوا شاة، ولطخوا بدمها قميص يوسف عليه السلام وفي الليل، عادوا إلى أبيهم، ولما دخلوا عليه بكوا بشدة، فنظر يعقوب عليه السلام إليهم ولم يجد فيهم يوسف عليه السلام معهم، لكنهم أخبروه أنهم ذهبوا ليتسابقوا، وتركوا يوسف عليه السلام ليحرس متاعهم، فجاء الذئب وأكله، ثم أخرجوا قميصه ملطخا بالدماء، ليكون دليلا لهم على صدقهم، فرأى يعقوب عليه السلام القميص سليما، حيث نسوا أن يمزقوه، فقال لهم عجبا لهذا الذئب كان رحيما بيوسف أكله دون أن يقطع ملابسه، أما يوسف عليه السلام فكان لا يزال حبيسا في البئر ينتظر الفرج والنجاة، وبينما هو كذلك، مرت عليه قافلة متجهة إلى مصر، فأرادوا أن يتزودوا من الماء، فأرسلوا أحدهم إلى البئر ليأتيهم بالماء. 


فلما ألقى دلوه تعلق به يوسف، فنظر في البئر فوجد غلاما جميلا يمسك به، فأخرجه فإذا بإخوة يوسف عليه السلام ينظرون فأتوا إليه وقالوا هذا عبد لنا آبق، فسكت يوسف عليه السلام خوفا من إخوته فشروه بثمن بخس لأنهم لم يكن المال هو مايريدون فأخذوه معهم إلى مصر ليبيعوه، وكان عزيز مصر في هذا اليوم يتجول في السوق، ليشتري غلاما له لأنه لم يكن له أولاد، فوجد هؤلاء الناس يعرضون يوسف عليه السلام للبيع، فذهب إليهم، واشتراه منهم بعدة دراهم قليلة، ورجع عزيز مصر إلى زوجته، وهو سعيد بالطفل الذي اشتراه، وطلب من زوجته أن تكرم هذا الغلام، وتحسن معاملته، فربما نفعهما أو اتخذاه ولدا لهما، وهكذا مكن الله ليوسف عليه السلام في الأرض فأصبح محاطا بعطف العزيز ورعايته، ومرت السنون، وكبر يوسف عليه السلام، وأصبح شابا قويًا، رائع الحسن، وكانت امرأة العزيز تراقب يوسف يوما بعد يوم، وازداد إعجابها به لحظة بعد أخرى، فبدأت تظهر له هذا الحب بطريق الإشارة والتعريض، لكن يوسف كان يعرض عنها، ويتغافل عن أفعالها، فأخذت المرأة تفكر كيف تغري يوسف بها، وذات يوم، انتهزت فرصة غياب زوجها عن القصر، فتعطرت وتزينت، ولبست أحسن الثياب، وغلقت الأبواب ودعت يوسف عليه السلام حتى أدخلته حجرتها.


وطلبت منه أن يفعل معها الفاحشة، لكن يوسف بعفته وطهارته امتنع عما أرادت، ثم أسرع يوسف ناحية الباب يريد الخروج من المكان، لكن امرأة العزيز لم تدع الفرصة تفوتها، فجرت خلفه، لتمنعه من الخروج، وأمسكت بقميصه فتمزق، وفجأة، حضر زوجها العزيز، وتأزم الموقف، وزاد الحرج، لكن امرأة العزيز تخلصت من حرج موقفها أمام زوجها، فاتهمت يوسف بالخيانة ومحاولة الاعتداء عليها، وشهد شاهد من اهلها وقيل انه صبيا صغيرا وقيل انه رجل حكيم كان يرافق العزيز، فالتفت الزوج إلى امرأته، ثم طلب العزيز من يوسف أن يهمل هذا الموضوع، ولا يتحدث به أمام أحد، ثم طلب من زوجته أن تستغفر من ذنبها وخطيئتها، واتفق الجميع على أن يظل هذا الفعل سرا لا يعرفه أحد، ومع ذلك فقد شاع خبر مراودة امرأة العزيز ليوسف، وطلبها للفاحشة، وانتشر في القصر وتحدث نساء المدينة بما فعلته امرأة العزيز مع فتاها، وعلمت امرأة العزيز بما قالته النسوة عنها، فغضبت غضبا شديدا، وأرادت أن تظهر لهن عذرها، وأن جمال يوسف وحسن صورته هما اللذان جعلاها تفعل ذلك، فأرسلت إليهن، وهيأت لهن مقاعد مريحة، وأعطت كل واحدة منهن سكينا، ثم قالت ليوسف عليه السلام اخرج عليهن، فخرج يوسف عليه السلام متمثلا لأمر سيدته. 


فلما رآه النسوة انبهرن بجماله وحسنه، وجرحن أيديهن بالسكين قيل من الدهشة فلم يشعرن بالطرح من شدة جماله، واقتنع النساء بما تفعله امرأة العزيز مع يوسف، وكادت تحدث فتنة في المدينة بسبب عشق النساء ليوسف، فرأى القائمون على الأمر أن يسجن يوسف إلى حين، فسجنوه، وظل يوسف في السجن فترة، ودخل معه السجن فتيان أحدهما خباز والآخر ساقي، ورأيا من أخلاق يوسف وأدبه وعبادته لربه ما جعلهما يعجبان به، فأقبلا عليه ذات يوم يقصان عليه ما رأيا في نومهما، ففسر لهما يوسف رؤياهما، بأن أحدهما سيخرج من السجن، ويرجع إلى عمله كساق للملك، وأما الآخر وهو خباز الملك فسوف يصلب، وتأكل الطير من رأسه، وقبل أن يخرج ساقي الملك من السجن طلب من يوسف عليه السلام أن يذكر أمره عند الملك، ويخبره أن في السجن بريئا حبس ظلما، حتى يعفو عنه، ويخرج من السجن، ولكن الساقي نسى، فظل يوسف عليه السلام في السجن بضع سنين، وبمرور فترة من الزمن تحقق ما فسره لهما يوسف، وفي يوم من الأيام، نام الملك فرأى في منامه سبع بقرات سمان يأكلهن سبع نحيفات، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فقام من نومه خائفا مفزوعا مما رآه، فجمع رجاله وعلماء دولته، وقص عليهم ما رآه، وطلب منهم تفسيره. 


فأعجزهم ذلك، وأرادوا صرف الملك عنه حتى لا ينشغل به، لكن هذه الرؤيا ظلت تلاحق الملك وتفزعه أثناء نومه، فانشغل الملك بها، وأصر على معرفة تفسيرها، وهنا تذكر الساقي أمر يوسف عليه السلام، وطلب أن يذهب إلى السجن ليقابل يوسف عليه السلام، وهناك طلب منه أن يفسر رؤيا الملك، ففسر يوسف البقرات السمان والسنبلات الخضر بسبع سنين يكثر فيها الخير وينجو الناس فيه من الهلاك، ولم يكتف يوسف بتفسير الحلم، وإنما قدم لهم الحل السليم، وما يجب عليهم فعله تجاه هذه الأزمة، وهو أن يدخروا في سنوات الخير ما ينفعهم في سنوات القحط والحاجة من الحبوب بشرط أن يتركوها في سنابلها، حتى يأتي الله بالفرج، ولما عرف الساقي تفسير الرؤيا، رجع إلى الملك ليخبره بما قاله له يوسف عليه السلام ففرح الملك فرحا شديدا، وراح يسأل عن ذلك الذي فسر رؤياه، فقال الساقي، إنه يوسف، فقال الملك على الفور ائتوني به، فذهب رسول الملك إلى يوسف عليه السلام وقال له أجب الملك، فإنه يريد أن يراك، ولكن يوسف رفض أن يذهب إلى الملك قبل أن تظهر براءته، ويعرف الملك ما حدث له من نساء المدينة، فأرسل الملك في طلب امرأة العزيز وباقي النسوة، وسألهن عن الأمر، فقلن معترفات بذنوبهن مقرَّات بخطئهن، ومعلنات عن توبتهن إلى الله تعالى، ما رأينا منه سوءا، وأظهرت امرأة العزيز براءة يوسف عليه السلام أمام الناس جميعا. 


عندئذ أصدر الملك قراره بتبرئة يوسف عليه السلام مما اتهم به، وأمر بإخراجه من السجن وتكريمه، وتقريبه إليه. ثم خيره أن يأخذ من المناصب ما شاء فقال " قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم " فوافق الملك على أن يتقلد يوسف عليه السلام هذا المنصب لأمانته وعلمه، وتحققت رؤيا الملك، وانتهت سنوات الرخاء، وبدأت سنوات المجاعة، وجاء الناس من كل مكان في مصر والبلاد المجاورة ليأخذوا حاجتهم من خزائن الملك، وفي يوم من الأيام، وأثناء توزيع الحبوب على الناس إذا بيوسف أمام رجال يعرفهم بلغتهم وأشكالهم وأسمائهم، وكانت مفاجأة لم يتوقعوها، إنهم إخوته، أبناء أبيه يعقوب، الذي ألقوه في البئر وهو صغير، لقد جاءوا محتاجين إلى الطعام، ووقفوا أمامه دون أن يعرفوه، فقد تغيرت ملامحه بعدما كبر، فأحسن يوسف إليهم، وأنسوا هم به، وأخبروه أن لهم أخا أصغر من أبيهم لم يحضر معهم، لأن أباه يحبه ولا يطيق فراقه، فلما جهزهم يوسف بحاجات الرحلة، وقضى حاجتهم، وأعطاهم ما يريدون من الطعام، فقد طلب منهم أن يردوا إليهم بضاعتهم، فأظهروا أن الأمر ليس ميسورا وسوف يمانع، ليستبدلوا بها القمح والعلف في رحالهم بدلا من القمح فيضطروا إلى العودة إليه بأخيهم.



اضغط على علامة الميكروفون للاشتراك فى موقع صوت النيل لتصلك أحدث الأخبار

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لموقع

صوت النيل

2021